السبت، 7 مايو 2016

الطاقة

عندما نتحدث عن الطاقة، ﻻ يقتصر حديثنا عن تلك الطاقة التي تصل الى بيوتنا لتشغيل الآﻻت والاجهزة، بل الى كل شيء، من الشوارع الى المصانع والاسواق، تلك الاضواء الصفراء التي تراها وانت في مقعد الطائرة عند اقترابك من المدينة، ان ما تراه هو نتيجة لاحتراق الملايين من براميل النفط كل يوم، وما ينتج عن ذلك من هدر كبير للاموال نتيجة الدعم الحكومي، "الطاقة" ببساطة.. ذلك الملف الذي يؤرق الدول والحكومات منذ عشرات السنين للتنمية، والعقبة الاولى للمشروعات، فكم من مشروع تم ايقافه بسبب الطاقة، وكم من مخطط سكني تعثرت بنيته التحتية بسبب الطاقة، وكم من مدينة صناعية وخطوط انتاج ﻻ تعمل بسبب نقص الطاقة.

لا طريق للرجوع، فقط قامت مئات من مراكز الابحاث في العالم بالعمل على تطوير الخلايا الفوتوفولتية لرفع كفاءة تلك الخلايا، واستثمرت المليارات في صناعة الخلايا وتسريع وتيرة تطويرها، حتى اصبح لدينا اليوم خلايا المونو Mono التي يمكن ان تولد 350 وات في كل متر مربع، ما يعني انك تحتاج الى (4) م2 لتبريد غرفة كاملة وإضاءتها وتوفير كل ما تحتاجه من طاقة. وهذا يعني ايضاً انك تحتاج الى (40) م2 لتوفير الطاقة اللازمة لتشغيل منزل متوسط بكافة الاجهزة والمعدات.

من حسن الحظ، اننا نعيش في منطقة تعتبر الاغنى عالمياً في كثافة الضوء، ومن المفارقات ان ترى دولا تقع في نطاقات ضوئية اقل بكثير من هذه الكثافة استثمرت مليارات الدوﻻرات في مشروعات حقول طاقة يٌعتمد عليها في توليد الكهرباء لقرى ومدن صغيرة. كما ان هذه الدول وضعت تنظيمات لتبادل المنافع مع سكانها بحيث انها تمكنهم من بيع وشراء الطاقة او سداد الفروقات. مما حفز الكثير لبناء محطات صغيرة في بيوتهم ومزارعهم لتوفير الطاقة وخفض قيمتها.

قد يعتقد البعض بضرورة عنصر البطاريات عند تركيب اللوحات الفوتوفولتية في البيوت، وهذا غير صحيح، يمكنك تركيب لوحات الطاقة الشمسية في بيتك دون بطاريات من خلال استخدام اجهزة تحويل مباشرة تستخدم الشبكة المنزلية كبطارية افتراضية وبالتالي تخفض قيمة الاستهلاك، وبطبيعة الحال فإن الاستفادة ستكون في وقت النهار، اما في الليل فسيكون الاعتماد على شركة الكهرباء، ولكن ماﻻ يدرك جٌله ﻻ يترك كله، وخفض الفاتورة حتى 60% هو امر جيد اذا ما قورن بتكلفة البطاريات التي تشكل ما نسبته 50% من القيمة الاجمالية لتكاليف التركيب.

ﻻ يسعني المجال في هذا المقال لتسليط الضوء على كل الاسئلة التي قد تتبادر لذهن القارئ، ولكننا سنستمر في طرح مقاﻻت نوعية للجوانب الفنية، وكذلك التكاليف، ومصادر الحصول عليها.

في هذه الايام، يتم العمل على بناء بعض القرى المستدامة في العالم، وقد اطلعت شخصيا على بعض المشروعات في الصين والقريبة من البحر، والتي يتم من خلالها تحلية المياة وتزويد المنازل بالكهرباء من خلال الطاقة الفوتوفولتية، وهذا يعني استدامة 100%، واعتقد بان مستقبلنا في المملكة ودول الخليج سيقوم على نفس الاساس اذا ما بدأنا بتسريع وتيرة العمل على هذه المشروعات والصرف على مراكز ابحاث لدراسة الخصائص المناخية والجيوغرافية للمنطقة، وصناعة الخلايا والطبقات الزجاجية بما يتناسب مع بيئتنا وكافة ظروفها، بلا شك ان تحفيز الصناعة هو امر ضروري.

أعتقد بأنه ليس هناك أجمل من تلك الرؤية التي تقوم على اساس ان تكون المصدر الاول لصناعة النفط في العالم، ثم تسبق العالم لبدائل قادمة وتبدأ في صناعة تطبيقاتها، لتصبح مثالاً يُحتذى به في صناعة الطاقة، تلك الرؤية التي يمكن ان توفر كثيراً ليس في صناعة الطاقة فقط، بل بالاستمرار في السيادة والتحول الوطني الجديد.

الرئيس التنفيذي لشركة الغانم للطاقة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق